المانشيت- عون: لحكومة تمثّل الجميع.. مطالب كتل تؤخّر التأليف
Wednesday, 22-Jan-2025 06:22

فيما يواصل الرئيس المكلّف نواف سلام مشاوراته النيابية والسياسية لإنجاز التشكيلة الوزارية للحكومة الجديدة، ووسط بروز بعض المؤشرات إلى احتمال تباطؤ التأليف في انتظار تذليل مطالب بعض الكتل النيابية، يتصاعد الاهتمام العربي والدولي بلبنان، إذ يُنتظر أن يستقبل لبنان خلال ايام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود، الذي اعتبر أمس «أنّ انتخاب رئيس للبنان بعد فراغ طويل أمر إيجابي للغاية»، وقال: «نحن في حاجة إلى رؤية إجراءات وإصلاحات حقيقية من أجل زيادة مشاركتنا. وأعتزم زيارة لبنان هذا الأسبوع». وأضاف: «يجب تجنّب الحرب بين إيران وإسرائيل، والمحادثات التي تجري في لبنان حتى الآن تدعو إلى التفاؤل».

وقالت مصادر متابعة لـ«الجمهورية»، إنّ ولادة الحكومة ليست مرتبطة باتفاق وقف إطلاق النار الذي تنتهي هدنته الأحد المقبل، لأنّ التنفيذ هو من مهمّة لجنة المراقبة وليس الحكومة، وكان المطلوب ان يكون لتأليف الحكومة الجديدة أثر معنوي قبل 27 من الشهر الجاري، لكن إذا تعذّر الأمر لا بأس ولا مفعول سلبياً له.

وكشفت مصادر الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية»، انّ الأمور المتصلة بتشكيل الحكومة سالكة في الاتجاه الصحيح، خصوصاً في ما يتعلق بالمشاورات بين طرفي «الثنائي» والرئيس المكلّف. وأضافت هذه المصادر: «بمعزل عمّا يمكن أن يرافق التشاور مع سلام من أخذ وردّ الّا انّ المسار العام هو إيجابي ولم يعد هناك كثير من عوامل الاختلاف». ورجحت بقاء حقيبة وزارة المال ضمن الحصة الشيعية، من دون أن تحسم على نحو نهائي الاسم الذي قد يتسلّمها.

 

وقالت هذه المصادر: «انّ توزيع الحقائب السيادية تمّ الانتهاء منه وأصبح وراءنا. وقد أُسندت فيه وزارة المال إلى الطائفة الشيعية، اما الحقائب الأخرى فمحلولة ولا مشكلة فيها، وأبدينا مرونة عالية في الخيارات التي عُرضت علينا، وأبلغنا إلى الرئيس المكلّف أن لا مشكلة لدينا بين زراعة او صناعة وبيئة او ثقافة على سبيل المثال، اما الأسماء فلم نصل اليها بعد وهذا الأمر يأتي في الخطوة التالية»...

 

وعلمت «الجمهورية» انّ الاتجاه هو لتأخير الولادة بعض الشيء، بعدما تبين انّ توزيع الحقائب لدى المكونات المسيحية لا يزال موضوع أخذ وردّ، وفيه بعض العقبات، لكنها ليست مستعصية، فحتى الآن الجميع يتعاطون بإيجابية.

 

عون وسلام

وكان الرئيس المكلّف نواف سلام زار مساء امس رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وأطلعه على أجواء الاتصالات والمشاورات التي يجريها من اجل تأليف الحكومة، ورؤيته وافكاره حول الحكومة العتيدة ،خصوصاً في ضوء مواقف الكتل النيابية والقوى السياسية التي يتواصل معها.

 

وبعد اللقاء طمأن سلام إلى انّ «العمل على تأليف الحكومة يسير بخطى ثابتة، وانّه يعمل بلا كلل، مع فخامة الرئيس، على الاّ يتأخر ذلك». وإذ لفت الى انّ «غالبية ما يُقال حول الحكومة وتشكيلتها والأسماء المطروحة، هي من باب التكهنات والإشاعات، وانّه ملتزم تشكيل الحكومة بحسب الآلية الدستورية»، وأشار الى انّه «يفضّل حكومة من 24 وزيراً لأنّ الحكومة الثلاثينية التي كانت تُسمّى حكومة وحدة وطنية كانت تتحول إلى حكومة شلل وطني». وشدّد على انّه «لم يلتزم إعطاء أي حقيبة لأحد، وانّ حقيبة المال هي كغيرها من الحقائب ليست حكراً على طائفة، ولكن لا يمكن ان تكون ممنوعة عن أي طائفة ايضاً»، وقال: «انا أتداول واتشاور واستمع إلى هذه الكتل، انما انا من اشكّل الحكومة، وهذه مسؤوليتي. لذلك قلت بالعودة إلى الدستور، واذا كان ذلك اسلوباً جديداً فليكن، فلست «ليبان بوست».

 

وتوجّه سلام إلى الصحافيين قائلاً: «اعلم انكم تنتظرون أي كلمة عن الحكومة، وانا هنا لأخبركم بشفافية وصدق، واطمئن عبركم جميع اللبنانيين، انّ تأليف الحكومة يسير في خطى ثابتة، وانني اعمل بلا كلل، مع فخامة الرئيس، على أن لا يتأخّر ذلك. لن اعلّق على كل ما يُقال عن الحكومة العتيدة، فالكثير منه، كي لا أقول معظمه، وللأسف لا سيما بالنسبة إلى الحقائب والاسماء، يقع في باب التكهن او الإشاعات. انا مثلكم جميعاً، اريد الحكومة اليوم قبل الغد، كما يهمني ان أؤكّد انني ملتزم تشكيل الحكومة بحسب الآلية الدستورية. ربما تلاحظون انّ أسلوب العمل جديد، ولكن علينا جميعاً ان نتعلم احترام الدستور احتراماً كاملاً». وأضاف: «بطبيعة الحال، اتواصل واستمع الى النواب كافة، وإلى مختلف القوى السياسية، فهذا واجبي، الّا انني حريص على التأكيد انني ملتزم المبادئ التي حدّدتها في كلمتي الأولى، ولا يمكن ان ابدّلها او اتنازل عنها تحت أي ظرف. كنت ولا أزال ضدّ المحاصصة، بل انني اليوم اكثر اقتناعاً بذلك، وهذا ما يزيدني في المقابل تمسكاً بالشراكة الوطنية في تأليف الحكومة، التي تقوم على الكفاية والنزاهة والاستجابة لتطلعات المواطنين والمواطنات. فالحكومة التي قبلت تأليفها، اريدها حكومة نهوض وإصلاح، لانّ عليها مسؤوليات غير مسبوقة، في العمل على انتشال لبنان من عمق ازماته المتراكمة. اعرف تماماً انّ انتظارات اللبنانيات واللبنانيين كبيرة، وانا ملتزم الّا اوفّر أي جهد لتأتي الحكومة وبسرعة، والأهم ان تكون وفية لتطلعات المواطنين». وختم: «ادرك حجم آلام اللبنانيين. فالحكومة التي اسعى اليها، تأتي على قدر آمالهم وتستحق ثقتهم جميعاً».

 

ورفض سلام تحديد موعد لولادة الحكومة، وقال: «يهمّنا الانتهاء من هذا العمل في اسرع وقت ممكن، فالمهمّات كبيرة ولا ارغب في تحديد مهلة، انما أؤكّد انّ الحكومة لن تتأخّر لأشهر وأشهر كما الحكومات السابقة».

 

وسُئل: تحدثت عن معايير محدّدة وشراكة والتزام بالدستور، ولكن هناك أخذ رأي الأفرقاء، فكيف التوفيق بين الاثنين؟ فأجاب: «علينا ان نوضح أمرين. الامر الأول هو انّ معظم ما يتمّ تداوله في الصحف او في وسائل التواصل الاجتماعي، هو من باب التكهنات كي لا أقول الاشاعات، أكان بالنسبة إلى الحقائب وتوزيعها او الأسماء. وتصلني احياناً على وسائل التواصل اخبار حول أسماء لا اعرف غالبيتها، علماً انّها تأتي مع الحقيبة المخصصة لها، وهذه الأسماء بالعشرات، فيرجى وضع هذه الأمور جانباً لانّها مجرد تكهنات واشاعات. كما قلت، هناك آلية ومسؤوليتي تكمن في تشكيل الحكومة، وانا على تواصل مع الكتل لأنّ على الحكومة ان تحوز على ثقة النواب، انما لست صندوق بريد عند الكتل لإبلاغي بالعدد والأسماء التي تريدها. انا اتداول واتشاور واستمع إلى هذه الكتل، انما انا من أشكّل الحكومة، وهذه مسؤوليتي، لذلك قلت بالعودة الى الدستور، واذا كان ذلك اسلوباً جديداً فليكن، فلست «ليبان بوست».

 

ورداً على سؤال قال سلام: «انني لم التزم اعطاء أي حقيبة لأحد. اما في ما يتعلق بحقيبة المال، فهي كغيرها من الحقائب، ليست حكراً على طائفة، ولكن لا يمكن ان تكون ممنوعة عن أي طائفة ايضاً. وما يُسمّى بالحقائب السيادية، فبالنسبة اليّ كل الحقائب هي سيادية، وهناك مصطلحات وتعابير علينا ان نحاول الخروج منها شيئاً فشيئاً».

 

وسُئل سلام ايضاً: هل حسمتم الخيار بتشكيل حكومة من 24 وزيراً على قاعدة وزير لكل 4 نواب؟ فأجاب: «هذا الكلام غير صحيح اطلاقاً، وهو يندرج في باب التكهنات فقط. ولكن، انا أؤيد حكومة من 24 وزيراً، لانّ الحكومات الثلاثينية «مبهبطة» وكانت تسمّى حكومات وحدة وطنية، وكانت بمثابة برلمان مصغّر، ولا اعتقد انّ المطلوب تكرار البرلمان في حكومة، فالبرلمان والحكومة مختلفان، الأول عليه التشريع ومراقبة الحكومة التي عليها ان تحكم. واعتماد الحكومة الثلاثينية بحجة الوحدة الوطنية، فالتجربة اثبتت انّها حكومات تحولت الى شلل وطني. وهذا امر لن نعيده. الحكومة المصغّرة اكثر فعالية على غرار حكومة من 14 وزيراً. وقد كان هناك مثل هذه الحكومات، انما اليوم من الصعب اعتمادها لانّه سيكون لكل وزير حقيبتان، وفي حجم المهمات الملقاة على عاتقنا حالياً، فقد لا تكون حكومة من هذا النوع مناسبة، والأفضل ان يكون لكل وزارة وزير».

 

وسُئل سلام ايضاً: هل هناك حالة احباط بسبب التخوف من الرضوخ لمطالب أساسية تتعلق بثنائي حركة «امل» و«حزب الله»؟ فأجاب: «ليس هناك أي سبب للإصابة بالإحباط لا اليوم ولا غداً، والإحباط ممنوع، إذ علينا ان نبقى متفائلين وايجابيين، وانا على تواصل مع حركة «امل» و«حزب الله»، كما مع غيرهما من الكتل لانّ على الحكومة ان تنال ثقة مجلس النواب. ولكن هذه الحكومة ليست Puzzle، ليطلب كل شخص 3 او 4 وزراء لتوزيرهم وتجميعهم، لتصبح كعكة فنأكلها لاحقاً. ليس الامر على هذا النحو».

 

الحكومة والمكونات

وكان رئيس الجمهورية قال امام زواره امس «اننا ننبذ الطائفية والمذهبية ونتفيأ العلم اللبناني، حاملين الهوية نفسها. ولبنان مكون من طوائف عدة وهذا غناه»، مشيراً الى أنّه في كل طائفة هناك نخب، ومن حق كافة المكونات ان تكون ممثلة بالحكومة ومجلس النواب والإدارات العامة، كما هو معمول به في الجيش على أي حال»، مشدّداً على «انّ لدينا فرصاً كبيرة نأمل الإفادة منها بتضافر جهود كافة مكونات المجتمع اللبناني من مدنية وروحية وسياسية. معاً نحن قادرون على النهوض ببلدنا».

 

وإذ اكّد عون «انّ علينا ان نقابل إنتظارات دول العالم لنا بإشارات إيجابية، فإنّه أمل تأليف الحكومة بأسرع وقت لكي نخلق إستقراراً سياسياً واقتصادياً وأمنياً، فيتمكن المواطنون من ان يعيشوا بكرامة وليس فقط ببحبوحة». وقال: «انّ خطاب القَسَم أتى نتيجة تجربتي على الأرض مع الشعب، وعيشي مع معاناته من الشمال والبقاع والجنوب حيث خدمت. وهذه المعاناة ترجمتها في خطاب القسم، على أمل ترجمتها على ارض الواقع فلا تبقى حبراً على الورق»، مكرّراً «اننا على مفترق طرق فإما ان نستفيد من الظرف، ونخرج من صغائر الأمور الطائفية والمذهبية والسياسية، او نذهب الى مكان آخر ولا يكون فيه الحق على الآخرين بل علينا لأننا لم نقم بواجباتنا».

 

نهاية الهدنة

من جهة ثانية، وعلى مسافة 4 أيام من انتهاء المهلة الخاصة بتنفيذ اتفاق وقف النار، يبدو سلوك إسرائيل مثيراً لشكوك عميقة، إذ إنّها لم توقف في أي يوم عملياتها العسكرية ونسف المنازل والبنى التحتية في المناطق التي تحتلها في الجنوب. وحتى الآن، لم تظهر أي مؤشرات إلى أنّها ستكمل عمليات انسحابها التي تتمّ ببطء شديد، خصوصاً من القطاعين الأوسط والشرقي. وفي الموازاة، سُجّلت تسريبات يبثها الوسط الإعلامي الإسرائيلي، تلمح إلى أنّ الانسحاب الكامل قد لا يتحقق في الموعد المقرّر بذريعة أنّ الجيش اللبناني لم يتسلّم تماماً زمام الأمن في المنطقة، وتالياً أنّ «حزب الله» لم ينسحب من مواقعه كلها، وفق ما نص عليه الاتفاق.

وهذه المناخات أشاعت انطباعاً لدى بعض القوى السياسية بأنّ إسرائيل تمهّد لوضع الجميع أمام خيار تأجيل انسحابها الكامل المفترض تحقيقه قبل يوم الأحد المقبل. وفيما كانت تدور شائعات عن احتمال تمديد مهلة الـ60 يوماً، لشهر او اثنين، لكي يتاح استكمال تنفيذ الاتفاق، أعربت مصادر سياسية عن اعتقادها في أنّ هناك بديلاً لهذا التمديد ربما تحضّر له إسرائيل، ويقضي بتكريس الأمر الواقع من دون اضطرارها إلى تجرّع كأس التمديد الذي قد يثير ازمة بينها وبين إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي ترغب في إنهاء الحرب والدخول في ترتيبات أمنية على جانبي الحدود.

وتخشى المصادر أن تتذرّع إسرائيل بأنّها في حاجة إلى بضعة أيام لاستكمال تنفيذ الانسحاب، من دون أي تمديد رسمي للمهلة، ثم تقوم بتمييع موعد هذا الانسحاب لاحقاً، حتى يصبح بقاؤها في بعض النقاط امراً واقعاً، ولفترة غير محدّدة. وهذا يعني تكريس الاحتلال لأجزاء من المنطقة الحدودية.

 

الخروقات

وكانت الخروقات الاسرائيلية لاتفاق وقف اطلاق النارقد تواصلت امس، وكان منها توغل قوات فجراً من بلدة بني حيان في اتجاه وادي السلوقي، ونفّذت عمليات نسف ضخمة في الوادي السلوقي لجهة بلدة طلوسة في قضاء مرجعيون. فيما استهدف الجيش الاسرائيلي منزلاً عند أطراف مدينة بنت جبيل بقذيفة مباشرة، بعد توغل عدد من الدبابات في مارون الراس في اتجاه أطراف المدينة. كذلك فجّرت قوة اسرائيلية بوابات عدد من المنازل في منطقة التوغل عند أطراف بنت جبيل لجهة مارون الرأس التي جرفت الطرق التي تربط بين أحيائها الداخلية، وفجّرت ايضاً عدداً من المنازل وشوهدت سحب الدخان ترتفع من وسط البلدة، كما لم تغب الطائرات المسيّرة والاستطلاعية عن اجواء القطاعين الغربي والأوسط، وأحرق الجيش الاسرائيلي منزلاً من طبقتين في برج الملوك، وآليات تابعة لمشروع 800.

من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنّه على طول الحدود مع لبنان، تستمر التحضيرات لنشر مواقع جديدة ستتمركز فيها قوات جيش الإسرائيلي، ولا تزال فرق البناء تجهّز مواقع جديدة. ووفقاً لخطة قيادة الشمال، ستقام معظم المواقع بين المستوطنات والسياج الحدودي.

الأكثر قراءة